الصفحة الرئيسية  رياضة

رياضة بالحجّـة والدّليــل : "أخبــار الجمهورية" تكشف "استحواذ" الوزير على مشاريع ريـاضية من العهد السابق!

نشر في  06 مارس 2014  (09:01)

في ظرف سنتين تقريبا احتكر اسم طارق ذياب الأضواء في المشهد الرياضي وتحديدا طيلة المدة التي تسلّم فيها مقاليد الاشراف على وزارة الشباب والرياضة، ولئن تطرقنا في مقالات سابقة في أخبار الجمهورية الى الأخطاء التي «شوّه» عبرها طارق مسيرته المتميزة كلاعب دولي ومحلل فني عبر مروره بالوزارة، الا أن تسليمه للعهدة مؤخرا الى خلفه صابر بوعطي يفرض أيضا التنبيه الى عدة مغالطات اتسمت بها فترة الاشراف على المنصب المذكور طالما أن طارق روّج عبر وسائل الاعلام المقربة منه أو حتى عبر صفحته الرسمية على موقع الفايسبوك الى انجازات بلا عدّ أطرب بها مسامع الملاحظين والنقاد وعامة الجمهور الرياضي.. وهي لم تتجسّد على أرض الواقع... طارق وعلاوة على أخطائه الكثيرة فانه انتهج أسلوبا مقيتا تمثل في تبنّيه لانجازات سابقيه في حكومة المخلوع أو من تلاها عقب الثورة وطفق يعدد بطولات وهمية لن تنطلي حتما الا عمّن وقفوا في صفه مساندين اياه بلا هوادة...

وخلال الورقة التالية سنعرض بالتفصيل عديد البطولات التي ابتكرها ذياب من مخيّلته وصوّر بها نفسه بطلا لا يشق له غبار والحال أنه لا صلة له بها.. بل كان مطلعا عليها من بعيد كعامة الشعب قبل أن يلحقها عنوة بخانة انجازاته الشخصية والترويج لذلك ذات اليمين وذات الشمال حتى يصدّق الكل انه بحقّ أفضل وزير في زمن الترويكا والحال إنّه إعتمد نفس خطى بن علي الذي وظّف الرياضة لتخدير عامة الناس عن المشاكل الحقيقية بالبلاد وتهميش قضاياها الجوهرية...
بتاريخ 6 جويلية 2012 أعلنت وزارة الشباب والرياضة عن تكوين لجنة خاصة لاعداد مجلة الرياضة وهي خطوة سبق الاعلان عنها في 7 نوفمبر 2010 وانطلقت في أشغالها مباشرة بعد أن أحدثت الوزارة خلال شهر اكتوبر 2010 لجنة وطنية، متركبة من الأطراف المتداخلة وخاصة من رجال القانون، لإعداد مشروع جديد يهتم بالهياكل الرياضية وبالخصوص للنظر في الاطار القانوني للشركات التجارية ذات الموضوع الرياضي، وقد تواصل عمل اللجنة لعدة اسابيع حيث اعدت تصورا جديدا يستجيب لتطور واقع عديد الجمعيات الرياضية. وكما هو مألوف «تبنّى» الوزير طارق ذياب المشروع واعتبره من انجازاته دون الإشارة إلى ان العمل اعد منذ 3 سنوات بل سبق الاعلان عن تكوين تعاونية للرياضيين صلب برنامج الاصلاح الرياضي التي قدمته الوزارة السابقة في شهر نوفمبر 2010 وتكونت لجنة للغرض لإعداد مشروع قانون التعاونية الا أن الوزير طارق ذياب وظّف لمصلحته كل الجهود السابقة وقدمها للمجلس التأسيسي دون المراجعة القانونية لما تم اعداده...
الشعانبي مدينة للرياضة والإرهاب..
سبق ان اعلنت وزارة الشباب والرياضة سنة 2010 عن انجاز مشروع كبير في ولاية القصرين وهو المركز الدولي للتربصات بالشعانبي على غرار مركز عين دراهم وتم تخصيص الميزانية والانطلاق في اعداد الدراسات الفنية للغرض إلا أن طارق وبعد تقلده منصب الوزير حاول تسويق المشروع وكأنه من انجازه الشخصي وهو ما رفضه أهالي القصرين الذين أجابوا ممثل الوزير بـ «ان هذا المشروع القديم الذي تم اقراره في العهد السابق... مطالبين بإحداث مشاريع مماثلة جديدة وعدم الإقتصار على مشاريع العهد السابق التي يتم ادراجها في كل ميزانية على انها جديدة ...»
منذ الإعلان على انشاء المركز الدولي للرياضة بالقصرين سنة 2010 نلحظ ان المشروع بقي دون انجاز وبالرجوع الى ميزانية الوزارة لسنة 2014 نلحظ انه لم يتم رصد اي مبلغ للمشروع الرياضي بل وتم ارجاء الإنجاز الى ما بعد سنة 2014 وها أن الشعانبي يتحول من ملاذ آمن لمشروع رياضي الى بؤرة لتفريخ الارهاب ورعايته بشكل رسمي من قبل المتسترين عنه...
إذاعات الواب في دور الشباب..
من جهة أخرى اعلن الوزير طارق ذياب عن اجراء ثوري يتمثل في ««احداث فضاءات رياضية وسط دور الشباب وذلك لتشجيع الشباب على ممارسة الرياضة اضافة الى استقطاب الشباب الى دور الشباب، هنا يجب التذكير أن هذا المشروع سبق الإعلان عنه في شهر نوفمبر 2010 من قبل الوزارة السابقة وتم انجاز اول تجربة وهي راديو درة المتوسط بدار الشباب المغاربية برادس، كما انطلق برنامج لتعميم التجربة في كل مؤسسات الشباب كما تم الإعلان عن مشروع انجاز تلفزات «الواب» في دور الشباب وفق ما جاء في الصفحة الرسمية لطارق ذياب – ولا نعلم من كتب ذلك وهل هو مستوعب حقا لما كان يروج في عهد النظام البائد، ونشير في هذا الصدد إلى ان مشروع ميزانية وزارة الشباب والرياضة الذي تم عرضه على المجلس التأسيسي اثناء مناقشة ميزانية الدولة يرمي الى الترفيع في ميزانية التنمية من 50 مليون دينار الى 200 مليون دينار - ومن ناحية أخرى فان أغلب مشاريع البنية السياسية الهامة التي تذكر هي مشاريع تم التخطيط لها منذ الحكومة السابقة قبل 14 جانفي 2014 وهي مبرمجة في المخططات والميزانيات السابقة فعلى سبيل المثال فقط فقد تم رصد ميزانية سنة 2010 لتهيئة وتعشيب ملعب جلمة وانطلقت الأشغال من وقتها مع العلم انه تم ادراج مشروع تعشيب ملعب جلمة أواخر سنة 2010 وتم تخصيص ميزانية للغرض..
مسلسل ملعب حمام الأنف..
خلافا لما صرح به الوزير طارق ذياب فان مشروع تهيئة ملعب حمام الأنف تم الإعداد له خلال سنة 2009 وخصص له مبلغ يقارب 4 مليارات.. من جهة أخرى وبتاريخ 4 جانفي دشن طارق ذياب المركب الشبابي بالقيروان باعتباره انجازا هاما لكن يتضح بالرجوع الى ميزانية الدولة لسنة 2010 ان هذا المشروع قد تمت برمجته في ميزانية 2008 وكان من المفروض انتهاء الأشغال منذ سنة 2011 مع العلم انه تم تخصيص مبلغ مليار و 700 الف دينار للمشروع منذ سنة 2008.
وهم المدينة الرياضية بصفاقس وإستجداء الإماراتيين..
صرح الوزير أنّ مشروع المدينة الرياضية بصفاقس الذي عرف تعطيلا متكررا لسنوات طويلة وذكر ان الحكومة ساعية عند زيارته لصفاقس الى أن يرى هذا المشروع الذي تقدر كلفته المالية بحوالي 200 مليون دينار النور باعتباره مشروعا يلبي حاجة ملحة لجهة في حجم صفاقس همشت على امتداد عقود من الزمن رغم ما قدمته للرياضة التونسية... كما نسي الوزير مرة اخرى انه سبق له التصريح بمناسبة زيارته لدولة الإمارات في شهر اكتوبر سنة 2012 «انه سيعرض عليهم امكانية ملعب بمواصفات عالمية في صفاقس..ومساعدة تونس في استكمال «البنية التحتية الرياضية وخاصة المدينة الرياضية في مدينة صفاقس طبعا كل هذا لم ينجز منه اي شيء بل والأدهى والأمر أن التصريح المذكور الذي قام به وهو في دولة الإمارات يتعارض كليا مع ابسط قواعد وأعراف التعامل الديبلوماسي الدولي لا يمكنه التصريح بمثل هذا الكلام إلاّ إذا تم التحاور المسبق مع الطرف المعني نيل موافقته المبدئية على الدعم مسبقا لا أن يصبح الأمر اهانة ليس للوزير فقط بل للدولة ككلّ..

أولمبي سوسة يتّسع لأربعين ألف مشجّع...

على امتداد نحو ست سنوات ظلت جماهير النجم الرياضي الساحلي تمنّي النفس بتفعيل مشروع المركب الرياضي الكبير الذي سيحوّل طاقة استيعاب أولمبي سوسة الى ما يقدّر بنحو40 ألف مقعد للأحبّاء. وحين تكفّل طارق بمقاليد وزارة الرياضة فانه حاول تبنّي المشروع والادعاء بخطوات جبارة قام بها، غير أن التاريخ سيحفظ له أنه جاء الى مقر ليتوال فقط لتفعيل قرار اقالة منذر الكبيّر انذاك بالضغط على هيئة شرف الدين مقابل توفير الدعم..وانتهت فعلا المدة النيابية للوزير ولم يأت أي انجاز جديد بخصوص ملعب يرتقي الى مستوى انتظارات جمعية بعراقة ومثل ما قدّمه النجم الساحلي للرياضة التونسية في مختلف الاختصاصات...
ادماج لعبة كرة القدم بدور الشباب..
جذب الحنين الوزير السابق طارق ذياب الى أريانة حين همّ بدمج رياضة كرة القدم في دور الشباب وفكّر بالشروع في التجربة انطلاقا من مدينة أريانة وهو ما هلّل له الكثيرون باعتباره «مستنسخا» عن التجربة الأمريكية وفق بيادق اختصت في النفخ في صورة الوزير... المشروع المذكور أنفا تم التخطيط له منذ أربع سنوات، وبالتغيير السياسي الحاصل وقدوم ذياب الى وزارة المنزه، فقد سعى الى نسب الانجاز الى نفسه بتقديم أطروحة ونظرية جديدة، لكن الأيام كشفت أنها مجرد دعاية للرفع من الاسهم لا غير بدليل ان الانتقال الوزاري جدّ دون أن ينشىء الوزير أي دار شباب مختصة في دمج رياضة كرة القدم كما ادّعى ذلك.
تدشين المركب الشبابي بقبلي..
أياما قليلة قبل نهاية السنة الادارية الفارطة، تحوّل طارق ذياب الى الجنوب التونسي وتحديدا الى مركب الشباب بقبلي ليدشنه ويعطي شارة الانطلاق الفعلي لمشروع ابتدأ سنة 2010 باعتمادات تثبت الوثائق أنها في حدود 800 ألف دينار، لا دخل فيها للتشكيلة الوزارية الأخيرة بل ان كل ما يحسب لها هو «استيلاءها المقنّن» على المشروع» ونسبه اليها.
تعاونية الرياضيين من الحلم الى التجسيد..
تقرّر في نوفمبر من سنة 2010 احداث تعاونية للرياضيين ضمن برنامج الاصلاح الرياضي في الوزارة انذاك، وبما أن رياح الثورة كنست السابقين، فان طارق وكعهده أجاد استغلال الفرصة ونسب البطولة الى نفسه وهو ما تسنّى له فعلا حين عرض الأمر تحت أنظار المجلس الوطني التأسيسي الذي صوّت بأغلبية 123 نائب على الاحداث المذكور وهو أحد الانجازات الوهمية لل"وزير المتخلّي".
مركب المرسى قيد الانتظار..
كغيره من الفرق، لم يجن جمهور مستقبل المرسى غير سيل الوعود والتطمينات التي ذهبت جفاء، ولئن كان معروفا أن ملعب الشتيوي وضع قيد الدرس منذ نحو أربع سنوات وخصصت له الميزانية اللازمة، الا أن طارق أجاد اللعب على الأوتار واقتنص هذا المشروع كي يكسب نقاطا اضافية بالتقرّب الى جماهير نادي الضاحية الشمالية حتى وان كانت نيابته انتهت دون أن ينتفع الفريق بأي انجاز رغم حديثه عن مركب عصري يليق بفريق «القناوية» في عيد ميلاده الخامس والسبعون..ولكن هيهات...
ارث ثقيل وتخوّفات بالجملة..
بالمحصلة يظهر أن مرور طارق ذياب «الكوارجي والخبير» لم يوفّر للرياضة التونسية أي انجاز حقيقي يذكر، فالرجل أغرق عديد المكاتب الجامعية في مشاكل بلا عدّ كما أنه خلّف عداوات كبيرة، واشتغل كثيرا على عواطف الجماهير الرياضية وأغرقها وعودا من بنزرت الى بنقردان عبر اقتناصه لمخطّطات مشاريع سابقة أراد نسبها الى نفسه.. لكنه غادر وانكشف المستور عن انتهاجه سياسة «التبنّي» لمختلف الانجازات حتى يظهر بطلا لا يشقّ له غيار.. بيد أنه ترك للأسف على مكتب الوزير الجديد صابر بوعطي ارثا ثقيلا نتمنّى فعلا أن ينجح الوجه الجديد في تلافيه خصوصا أن بداياته تلوح بدورها متعثرة في ظل تكشير عدة فرق من الرابطتين الثانية والثالثة عن نوايا الانسحاب في ظل غياب السيولة، فهل يصلح القاضي ما أفسده الكوارجي أم أن حبات الفاليوم ستكون المسكّن والحل الوقتي مجددا؟

اعداد: طارق العصادي